صاحب اكبر واقعة فساد.. القصة الكاملة لـ«أفندينا» شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء
الأربعاء 24-09-2025 09:26

مخلص عبد الحي
في واقعة أثارت جدلا واسعا داخل شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، تم الكشف عن واحدة من أكبر وقائع الفساد داخل قطاع مهم وحيوي في الشركة.. والمفاجأة أن الموظف المنوط به التفتيش والمتابعة، والمسئول عن الرقابة والكشف عن المخالفات بهذا القطاع، كان هو نفسه المتلاعب والمتورط في مخالفات جسيمة..
القصة تم اكتشافها عن طريق ” الصدفة “.. عندما قامت لجنة الضبطية القضائية بتحرير محضر لأحد المحلات التجارية بمنطقة ” راقية جدا ” وعند مراجعة الفواتير السابقة للمكان تم اكتشاف ” الطامة الكبري ” وهي أن هذا المحل ” التجاري ” يدفع ٩ جنيهات شهريا منذ أكثر من ٣٠ شهر ..ومن هنا بدأت ” حبات العقد ” تنفرط ..
كيف يحدث ذلك خاصة أن رسوم النظافة لهذه المنطقة ٢٠ جنيها للسكني و ٦٠ جنيها للتجاري.. اي انه يدفع اقل من رسوم النظافة شهرياً ..مما أثار الشكوك في أذهان مأمور الضبط القضائي..فظل يبحث ويبحث ويدقق ويمحص حتي أكتشف الأمر ..وعلي الفور تم إبلاغ المهندس حسن البيلي رئيس الشركة الذي لم ينتظر لحظة واحدة وعلي الفور شكل لجنة لفحص كل معاملات هذا الموظف.. وبدأت خيوط اللعبة تتجلي ..وبدأت الملامح تظهر في الأفق وأول الخيوط ، أن هذا الموظف الملقب ب ” افندينا ” داخل أروقة القطاع لحالة الثراء الفاحش التي تظهر عليه دائما ( رغم عدم تناسبها مع مقتضيات وظيفته ) .. كان يقوم بدفع كل شهر من جهاز ” الهاند ” الخاص به فواتير استهلاك الكهرباء” نيابة ” عن عدد من المواطنين أصحاب محال تجارية، ومطاعم، وشقق إدارية وسكنية فاخرة في قلب أرقي احياء مصر ..التقديرات المبدئية تشير إلي أن هذه الحالات حوالي 57 حالة ما بين مطعم ومحل وشقق إدارية .. والمفاجأة في انه كم كان يدفع هذا الموظف فواتير استهلاك هذه الوحدات التجاريةوالإدارية ..تخيلوا ؟! ..9جنيهات فقط لا غير شهريا ..نعم الرقم الذي قرأتموه صحيح ..جميعها كانت تسدد ٩ جنيهات فقط شهريًا كفاتورة استهلاك كهرباء!
والأدهي والأخطر أن هذا الأمر لم يكن لمدة شهر أو شهرين، بل استمر لفترات تتراوح بين ٣٠ و٤٠ شهرًا، أي ما يتعدي ال٣ سنوات كاملة.
كيف حدث ذلك؟ .. وكيف ظل الموضوع ” مخفي ” علي الجميع طوال هذه المدة .. ببساطة شديدة لأن الموظف كان يدير هذا ” الفساد ” بشكل محكم ولم يكن يترك وراءه اي ” غلطة ” تجعل الشكوك تحوم حوله ..حيث كان يقوم في بداية كل شهر بدفع الفواتير بنفسه عبر جهاز ” الهاند ” الخاص به، ليقطع الطريق على المحصل المسئول ويمنعه من المرور على هذه الوحدات وتحصيل قيمتها الحقيقية..
و النتيجة.. مبالغ طائلة من المال العام ضاعت على الشركة، وحدات تجارية استهلاكاتها ضخمة في أرقي مناطق ” العاصمة ” لم تكن تدفع سوى الفتات للشركة لشهور طويلة..
اللجنة التي تم تشكيلها يتابعها رئيس الشركة بنفسه دقيقة بدقيقة علي مدار الساعة ..
واسفرت نتائج الحملات المفاجئة لهذه اللجنة من فحص بعض الوحدات ” ام 9 جنيه ” والتي كشفت ” جزء ” من حجم الفاجعة.. اكثر من ٦ حالات حتي الآن تم النزول إليها و التحقق والتأكد من التلاعب بهم وجميعهم مرتفعي الاحمال ..
ومن بين هذه الحالات المكتشفة مؤخرا ..حلواني وكافيه تم عمل محضر له بقيمة ٧٥٠ ألف جنيه ، وأخرى بقيمة ٤٥ ألفًا، وثالثة ٢٨٠ ألفًا، وآخرين ٦٠الف.. وأقل حالة ب٣٥ الف جنيه ..و للأسف جميعها كانت تدفع ٩ جنيهات فقط لشهور طويلة ..
و الصدمة الأكبر – ” والحقيقة أنها ليست صدمة مع شخص يفعل كل هذا التجاوزات ” – أن بعض هذه الحالات تخص الموظف نفسه وبعض اشقاءه ، حيث ضبطت لجنة التفتيش تلاعبًا في عداد شقة الموظف ، وتم تحرير محضر ضده بقيمة ٨٨ ألف جنيه، ومحضر آخر لشقيقه بقيمة ٢٨٠ ألف جنيه.
وتم إحالة الواقعة برمتها للشئون القانونية والتحقيق فيها وسيتم مراجعة جميع الحالات المدفوعة بواسطة هذا الموظف ..
وعقب انكشاف الأمر قام أصحاب بعض المحلات بعمل حيلة ذكية ( بإيعاز من الموظف ) وهي رفع العداد والابلاغ بسرقته .. او حرقه أو إتلافه وإخفاء معالمه حتي لا يتم رفعه وفحصة عن طريق المعمل واكتشاف التلاعب به.. واظهار احماله الحقيقة..
كما أيضا لاحظت اللجنة المخصصة لمراجعة جميع اعمال هذا الموظف أن هناك بطاقة رقم قومي واحدة ” دوارة ” هي العامل المشترك لأكثر من ٣ محلات من الحالات التي كانت تدفع ٩ جنيهات عن طريق ” افندينا ” مما يشير إلي أن هذا الشخص قد يكون قد أعطي بطاقة ” وهمية ” لهؤلاء من اصحاب المحال والمطاعم لكي يعطوها لموظفي الضبطية حال اكتشاف التلاعب ..وبالطبع صاحب هذه البطاقة أما متوفي او غير موجود اصلا.. مما قد يبطل محضر الضبطية وينسفه..
هذه تفاصيل أول فصل من فصول واقعة فساد قد تكون ” الأكبر ” التي تشهدها شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء خلال الفترة الأخيرة والتي اكتشافها بفضل متابعة رئيس الشركة المستمرة ومحاولاته الدائمة اقتحام اي مكان تحوم حوله اي ” شبهات ” وكشف الفاسدين والمهملين و المقصرين .. وتعطي صورة مسيئة لمن يفترض به حماية المال العام وكشف التلاعب، لا ان يكون هو نفسه من تلاعب واستغل منصبه لإهدار مال الشركة ..
.. وللحديث بقية