منار الخولي تكتب ..حافظوا على أبناءكم من “المختلطة”
الخميس 23-10-2025 12:41
“إدمان المواد المُخلَّطة”، يعد أشرس انواع الإدمان والتى يجب على الأسر الإنتباه لأبناءها من الوقوع فى براثنه فهو نوع من الإدمان يُعد الأخطر والأعقد ، إذ يعتمد فيه الشخص على تعاطي أكثر من مادة مخدّرة أو منشطة في الوقت نفسه أو على فترات متقاربة، فيما يُعرف علميًا باسم “الإدمان المتعدد” (Polysubstance Addiction). هذه الحالة تمثل تهديدًا مزدوجًا للصحة النفسية والجسدية، لأن تفاعل المواد المختلفة داخل الجسم يضاعف الأثر السام ويجعل السيطرة الطبية أكثر صعوبة.
فكثير من الحالات التي تصل إلى مراكز العلاج تكون نتيجة خلط مواد مثل الترامادول مع الكحول أو الحشيش، أو الكبتاجون مع المهدئات والمنومات، أو الجمع بين الكوكايين والهيروين فيما يعرف بـ “السبيدبول”وللاسف تُباع تلك السموم القاتلة في صورة مخدرات مجهولة المكونات مثل الفودو والإستروكس والشابو، وهي غالبًا خليط من مواد كيميائية سامة لا تُعرف آثارها بدقة.
وراء هذا السلوك دوافع متعددة، أبرزها رغبة الشخص في تعزيز التأثير المخدر والوصول إلى نشوة أقوى، أو محاولة التخفيف من أعراض أحد المخدرات بتعاطي آخر. وهناك أيضًا من يجهل تمامًا المخاطر أو لا يدرك التفاعل القاتل بين المواد، فضلًا عن من يحاول التعويض حين يفقد جسده استجابته لمادة واحدة بسبب الاعتياد عليها. لكن النتيجة في كل الأحوال تكون واحدة: انهيار جسدي ونفسي قد يقود إلى الموت المفاجئ نتيجة توقف القلب أو التنفس.
الأطباء المتخصصون يحذرون من أن “الإدمان المتعدد” يسبب سمّية شديدة داخل الجسم، ويدمر الكبد والكلى والجهاز العصبي، كما يؤدي إلى اضطرابات عقلية حادة تشمل الهلاوس، وحالات من الجنون المؤقت، والاكتئاب العميق. الأسوأ أن العلاج في هذه الحالات يكون بالغ الصعوبة، لأن كل مادة تحتاج إلى بروتوكول مختلف في سحب السموم، ما يتطلب إشرافًا طبيًا دقيقًا داخل مركز متخصص.
رحلة العلاج تبدأ عادة بمرحلة سحب السموم (Detox)، حيث يخضع المريض لمتابعة طبية دقيقة للتعامل مع الأعراض الانسحابية لكل مادة على حدة، باستخدام أدوية مخصصة تخفف الألم وتمنع المضاعفات. بعد ذلك تبدأ المرحلة الأهم، وهي العلاج النفسي والسلوكي، الذي يهدف إلى معالجة الأسباب العميقة وراء السلوك الإدماني، وتدريب المريض على مواجهة الرغبة في التعاطي والتعامل مع الضغوط الحياتية. ويأتي بعد ذلك دور إعادة التأهيل والمتابعة، عبر جلسات فردية وجماعية، ودعم أسري مستمر، وبرامج خاصة لمنع الانتكاسة وضمان الاستقرار النفسي.
لكن الأطباء يؤكدون أن العلاج الحقيقي لا يتوقف عند سحب السموم أو الجلسات النفسية فحسب، بل يبدأ حين يُفهم سبب الإدمان نفسه. فالكثير من المرضى يحملون خلفيات من الصدمات النفسية أو الإحباط أو ضعف المهارات الحياتية. لذلك فإن العمل على جذور المشكلة هو ما يحدد فرص التعافي. فحين تُعالج الجراح النفسية، ويُعاد بناء الثقة بالنفس، وتُنمّى مهارات التعامل مع الحياة، تصبح الانتكاسة أقل احتمالًا وربما مستبعدة تمامًا.
وفي المقابل، تلعب الأسرة دورًا حاسمًا في رحلة العلاج، ليس فقط من خلال الدعم العاطفي، بل أيضًا عبر التوعية بكيفية التعامل مع المريض بعد خروجه من المركز العلاجي. فالفهم والاحتواء يصنعان فارقًا كبيرًا بين التعافي والعودة إلى الإدمان.
إدمان المواد المُخلَّطة لم يعد مجرد ظاهرة طبية، بل أزمة اجتماعية تستدعي وعيًا جماعيًا وتكاتفًا حقيقيًا بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والأسرة. فالوقاية تبدأ من التوعية، والعلاج يبدأ من الاعتراف بالمشكلة، أما الشفاء الحقيقي فمصدره الأمل والإرادة والرغبة في استعادة الحياة
منار الخولي
استشاري الصحه النفسيه وعلاج اكلنكي وعلاج الادمان







